الفن التجريدي في مصر... لغة الروح والألوان

الفن التجريدي
كتب بواسطة: عبد الفتاح يوسف | نشر في 

يُعد الفن التجريدي واحدًا من أهم التيارات الفنية في القرن العشرين، وقد وصل إلى مصر في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، ليمتزج بالهوية المصرية، ويأخذ طابعًا خاصًا يجمع بين الحداثة والأصالة. يقوم هذا الفن على التحرر من الواقع المرئي المباشر، والتركيز على الخطوط، الألوان، الأشكال، والإيقاع البصري، ما يتيح للفنان حرية كاملة في التعبير عن مشاعره ورؤيته للعالم.

الفن التجريدي لا ينقل الواقع كما هو، بل يُجرده من تفاصيله ليترك للمشاهد فرصة للتأمل، والفهم الذاتي، والاستغراق في الجمال.


روّاد الفن التجريدي في مصر

1. حامد ندا (1924 - 1990)

من أبرز الفنانين الذين دمجوا الرموز الشعبية والتراث المصري في قالب تجريدي. تأثر ندا بالفن الشعبي، خاصة في الأحياء القديمة، واستلهم أعماله من الفولكلور والموروث المصري، لكنه صاغها بأسلوب تجريدي حديث، ما جعله من أوائل من مزجوا الهوية بالحداثة.

2. عبد الهادي الجزار (1925 - 1966)

رغم قصر مسيرته، إلا أن عبد الهادي الجزار ترك بصمة لا تُنسى. كان جزءًا من جماعة "الفن المعاصر"، واهتم كثيرًا بالروحانيات والغموض في أعماله. استخدم الرموز والعلامات بطريقة تجريدية تعبيرية تُحاكي عوالم خفية.

3. آدم حنين (1929 - 2020)

رغم شهرته في النحت، إلا أن آدم حنين له تجارب تجريدية راقية في الرسم، تعتمد على البساطة، والتوازن، والتعبير اللوني العميق. كان يميل إلى اختزال الشكل، وإبراز الجوهر.

4. محسن شعلان (1951 - 2021)

قدّم شعلان أعمالًا فنية تجريدية متفردة، تحمل في طيّاتها نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا مبطنًا، عبر مفردات تشكيلية تحمل دلالات رمزية قوية. تميزت لوحاته باللون القوي والخطوط الحادة والعمق النفسي.

5. أحمد مرسي

فنان مميز جمع بين الشعر والرسم، وله تجارب فنية تميل إلى التجريد الغنائي، حيث تتلاقى الكلمات مع الألوان، ما يجعل أعماله مزيجًا من البوح البصري والوجداني.


لماذا يهمنا الفن التجريدي؟

الفن التجريدي ليس فقط مجرد "لوحة غير مفهومة" كما يعتقد البعض، بل هو لغة عالمية تحمل في طياتها مشاعر، أفكار، وحكايات، يُعبّر عنها بطريقة غير مباشرة. هو نوع من الحرية الفنية التي تمنح المتلقي فرصة للتفكير والتأويل، دون التقيد بسرد أو مشهد واضح.

في مصر، يظل الفن التجريدي وسيلة راقية لطرح القضايا الإنسانية، ومجالًا واسعًا للتجديد والتجريب، خاصة في ظل وجود جيل جديد من الفنانين الشباب الذين يسيرون على خُطى الكبار، ويضيفون رؤيتهم المعاصرة لهذا النوع من الفن.


الفن التجريدي في مصر ليس مجرد تجربة فنية، بل تيار فكري وبصري يعكس التحولات الاجتماعية والثقافية التي مرّ بها المجتمع. هو شاهد على مراحل تطور الذوق الفني، وميدان رحب لإبداع لا حدود له. وبين جيل الرواد، والجيل المعاصر، تبقى التجربة المصرية في الفن التجريدي تجربة تستحق التأمل والاحتفاء.



كلمات مفتاحية بالخبر
الرئيسية | من نحن | أتصل بنا | سياسة الخصوصية | شروط العضوية للناشرين في موقع وكالة أنباء إخباري | إتفاقية الترخيص | شروط الإستخدام