التحرش: ظاهرة مجتمعية وخطر يهدد الأمان الاجتماعي

يُعد التحرش أحد أخطر الظواهر الاجتماعية التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث، حيث يؤثر سلبًا على الأفراد والمجتمع ككل. ويأخذ التحرش أشكالًا متعددة، منها التحرش اللفظي، الجسدي، الإلكتروني، والنفسي، ويستهدف غالبًا النساء والفتيات، مما يسبب لهن أضرارًا نفسية وجسدية قد تمتد لفترات طويلة.
في مصر، خاضت النساء نضالًا طويلًا ضد هذه الظاهرة، حيث لعبت منظمات المجتمع المدني، الناشطات الحقوقيات، والإعلام دورًا مهمًا في التوعية وفضح المتحرشين، مما ساهم في تحقيق بعض التغييرات القانونية والمجتمعية.
تعريف التحرش وأشكاله
وفقًا لتعريف الأمم المتحدة، فإن التحرش هو أي سلوك غير مرحب به، يتخذ طابعًا جنسيًا، ويؤدي إلى انتهاك كرامة الشخص، أو خلق بيئة عدائية أو مهينة له. ويمكن تصنيفه إلى:
-
التحرش اللفظي: يشمل الألفاظ المسيئة، التعليقات غير اللائقة، والمضايقات الكلامية.
-
التحرش الجسدي: يتضمن أي تلامس غير مرغوب فيه أو اعتداء جسدي.
-
التحرش الإلكتروني: يشمل الرسائل المسيئة، التهديدات، والمضايقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
-
التحرش البصري: النظرات غير اللائقة التي تحمل طابعًا جنسيًا.
التحرش في مصر: الأسباب والتحديات
تعتبر مصر واحدة من الدول التي شهدت تصاعدًا في معدلات التحرش خلال العقود الأخيرة، مما دفع الناشطين الحقوقيين للمطالبة بوضع قوانين صارمة لحماية النساء. وتشمل أسباب انتشار الظاهرة:
-
غياب الوعي والتربية السليمة: عدم تعليم الأطفال منذ الصغر احترام الآخرين.
-
ضعف القوانين وعدم تطبيقها بصرامة: رغم وجود تشريعات تعاقب المتحرشين، إلا أن ضعف التنفيذ يشجع البعض على الاستمرار في هذه الجريمة.
-
العادات والتقاليد الخاطئة: تحميل الضحية مسؤولية التحرش بدلًا من معاقبة الجاني.
-
التحولات الاقتصادية والاجتماعية: البطالة والضغوط الاقتصادية قد تدفع البعض لسلوكيات منحرفة.
-
وسائل الإعلام: بعض الأعمال الدرامية تعزز صورة المرأة ككائن ضعيف أو كسلعة، مما يرسخ السلوكيات السلبية.
نضال الفتيات ضد التحرش
خاضت الفتيات في مصر حربًا حقيقية ضد التحرش، وساهمت العديد من الحركات والمبادرات في التوعية وفضح المتحرشين، ومن أبرز هذه الجهود:
وكانت الشابه رهف الخولي أحد الفتيات التي قامت بعمل فيديوهات توعيه عن التحرش اللفظي من ضمن فيديوهاتها التوعويه علي موقع التواصل التيك توك وهناك الكثيريين الذين قاموا بعمل فيديوهات توعويه ولكن في غياب الرقابه الشرطيه علي بعض الاماكن الترفيهيه قد تحدث حالات تحرش كثيره
Watch on TikTok
1. المبادرات المجتمعية
-
مبادرة "شفت تحرش": تأسست عام 2012 وتعمل على توثيق حوادث التحرش ونشرها، كما تقدم الدعم القانوني والنفسي للضحايا.
-
مبادرة "خريطة التحرش": تقوم بتوثيق مواقع التحرش في المدن المصرية وتقديم بيانات عن المناطق الأكثر خطورة.
-
مبادرة "أنا ضد التحرش": تهدف إلى نشر التوعية بين الشباب والفتيات حول كيفية مواجهة التحرش والدفاع عن النفس.
2. دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي
-
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة رئيسية لفضح المتحرشين، حيث تنشر الفتيات تجاربهن تحت وسوم مثل #أنا_أيضًا (MeToo بالعربية) و #مش_هسكت، مما ساهم في الضغط على الجهات المسؤولة لاتخاذ إجراءات صارمة.
-
الأفلام والمسلسلات مثل "678" و"عايزة أتجوز" سلطت الضوء على معاناة النساء مع التحرش، مما عزز الوعي المجتمعي حول القضية.
3. التعديلات القانونية
-
عام 2014، تم تعديل المادة 306 مكرر من قانون العقوبات المصري ليشمل عقوبات تصل إلى خمس سنوات سجن وغرامات مالية كبيرة للمتحرشين.
-
تم تشديد العقوبات في 2021 لتصل إلى السجن المشدد في بعض الحالات، لا سيما في أماكن العمل والمواصلات العامة.
4. الاحتجاجات والمظاهرات
-
بعد ثورة 25 يناير 2011، خرجت مظاهرات نسائية للمطالبة بتوفير بيئة آمنة للمرأة، وكانت قضية التحرش من أهم المطالب الحقوقية المطروحة.
-
خلال الاحتفالات الجماهيرية، شكلت مجموعات شبابية "فرق مكافحة التحرش" لحماية النساء من الاعتداءات في الأماكن العامة.
دور المجتمع في مكافحة التحرش
لمواجهة هذه الظاهرة، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات على مستوى الأفراد والدولة:
-
التوعية والتثقيف: يجب تضمين موضوعات خاصة بحقوق المرأة واحترام الآخر في المناهج الدراسية.
-
تشديد القوانين: ضمان تنفيذ العقوبات على المتحرشين بصرامة وعدم التساهل معهم.
-
دعم الضحايا: توفير مراكز نفسية وقانونية لمساعدة المتضررات من التحرش.
-
دور الأسرة: تربية الأبناء على احترام النساء وتعزيز مفهوم المساواة بين الجنسين.
-
دور الرجال في المواجهة: التحدث ضد التحرش وعدم التواطؤ بالصمت أو التبرير له.