الزهايمر: المرض الصامت الذي يهدد الذاكرة والهوية

الزهايمر، هذا المرض الذي يسرق الذكريات ويطمس معالم الهوية، يمثل تحديًا صحيًا كبيرًا في عالمنا اليوم. وفقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 55 مليون شخص حول العالم من أشكال مختلفة من الخرف، حيث يشكل الزهايمر النسبة الأكبر بنسبة تصل إلى 60-70% من الحالات.
ما هو الزهايمر؟
الزهايمر هو مرض تنكسي يصيب الدماغ تدريجيًا، يؤدي إلى تدهور الوظائف المعرفية مثل الذاكرة، والتفكير، والسلوك. تظهر أعراضه غالبًا لدى الأشخاص الذين تجاوزوا سن الـ65 عامًا، رغم وجود حالات مبكرة.
الدكتور أحمد السيد، أستاذ أمراض المخ والأعصاب بجامعة القاهرة، يوضح أن "الزهايمر ليس مجرد نسيان عابر، بل مرض يؤثر تدريجيًا على الحياة اليومية، ويحتاج إلى وعي مجتمعي لدعمه والكشف عنه مبكرًا".
الأسباب وعوامل الخطر
تظل الأسباب الدقيقة للزهايمر غير واضحة، لكن العلماء يعتقدون أنها نتيجة تراكم بروتينات غير طبيعية في الدماغ، مثل بيتا أميلويد وتاو، مما يعيق عمل الخلايا العصبية.
تشمل عوامل الخطر:
-
التقدم في العمر: أكبر عامل خطر.
-
التاريخ العائلي والجينات: وجود إصابات في العائلة يزيد من احتمال الإصابة.
-
أمراض القلب والأوعية الدموية: مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
-
قلة النشاط البدني والعقلي.
أعراض المرض
تتراوح الأعراض بين خفيفة وشديدة:
-
النسيان: خاصة الأحداث القريبة.
-
صعوبة في التخطيط وحل المشكلات.
-
ارتباك في الأماكن المألوفة.
-
تغيرات في المزاج والسلوك.
"في المراحل المتقدمة، يفقد المريض القدرة على التفاعل مع العالم، وحتى التعرف على أحبائه"، تقول الدكتورة ليلى محمد، أخصائية علم النفس الإكلينيكي.
التشخيص والعلاج
التشخيص المبكر أمر حاسم. يتم التشخيص عبر:
-
التقييم السريري: فحص الحالة المعرفية والذاكرة.
-
التصوير العصبي: مثل الرنين المغناطيسي.
-
تحليل السائل النخاعي: للكشف عن بروتينات مرتبطة بالزهايمر.
رغم عدم وجود علاج نهائي، يمكن لبعض الأدوية، مثل دونيبيزيل وميمانتين، التخفيف من الأعراض وتحسين جودة الحياة.
التأثير النفسي والاجتماعي
"مرض الزهايمر لا يؤثر فقط على المريض، بل يمتد تأثيره إلى الأسرة والمجتمع"، يقول الأستاذ سامح عبد الله، خبير علم الاجتماع.
تواجه العائلات تحديات كبيرة، من توفير الرعاية اليومية إلى التعايش مع التغيرات السلوكية.
جهود البحث والتوعية
تركز الأبحاث الحديثة على الوقاية من الزهايمر عبر تعزيز نمط الحياة الصحي. تشير دراسة نشرتها مجلة "Lancet" إلى أن:
-
النشاط البدني يقلل من خطر الإصابة بنسبة 30%.
-
التواصل الاجتماعي يساهم في الحفاظ على صحة الدماغ.
وتؤكد الدكتورة هند النعماني، باحثة في علوم الأعصاب، أن "التقدم في أبحاث العلاجات الجينية يحمل وعودًا كبيرة لمرضى الزهايمر".
أمل جديد
مع تقدم العلوم، يبقى الأمل حاضرًا في إيجاد علاج يغير مسار المرض. تشير التجارب السريرية إلى أن العلاج المناعي قد يكون المفتاح للتغلب على المرض في المستقبل.
مصادر التقرير:
-
منظمة الصحة العالمية (WHO).
-
مجلة "Lancet" للأبحاث الطبية.
-
مقابلات حصرية مع متخصصين.
-
بيانات من الجمعية الدولية للزهايمر (ADI).
الزهايمر ليس نهاية الطريق، بل دعوة لتعزيز الوعي والتكاتف لتخفيف معاناة المرضى وعائلاتهم.