شركات ألمانية تستعين بمحققين لكشف الإجازات المرضية للموظفين

تشير تقارير إلى أن العديد من الشركات في ألمانيا بدأت في الاستعانة بالمحققين الخاصين للتحقق من صحة الإجازات المرضية الطويلة الأمد للموظفين. تهدف هذه الإجراءات إلى الكشف عما إذا كانت الإجازات مرضية حقيقية أم مجرد وسيلة للهروب من العمل، خاصة في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. تأتي هذه الخطوة كجزء من مسعى لتحسين الإنتاجية وتقليل الغياب الذي قد يؤدي إلى خفض الأداء الاقتصادي.
زيادة في الطلب على خدمات المباحث الخاصة
وفقًا لوكالة فرانس برس، شهدت إحدى وكالات المباحث الخاصة، وهي مجموعة لينتز التي تقع بالقرب من محطة السكك الحديدية الرئيسية في فرانكفورت، زيادة ملحوظة في الطلب على هذه الخدمات المتخصصة. كشف ماركوس لينتز، مؤسس الوكالة، أن الشركة تتلقى حوالي 1200 عمولة سنويًا للتحقيق في حالات الإجازات المرضية، وهو ضعف الرقم المسجل قبل عدة سنوات.
ارتفاع معدلات الإجازات المرضية في ألمانيا
تشير البيانات إلى أن معدل الإجازات المرضية في ألمانيا شهد زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة. ففي عام 2023، بلغ متوسط أيام الإجازة المرضية للعمال الألمان 15.1 يومًا، وهو ارتفاع من 11.1 يومًا في 2021. في نفس السياق، أظهرت بيانات وكالة الإحصاء الفيدرالية الألمانية (Destatis) أن هذا الارتفاع في الغياب قد يساهم في خفض الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بنسبة 0.8% في 2023، مما ساهم في انكماش اقتصادي بنسبة 0.3% في البلاد.
أسباب الزيادة في الإجازات المرضية
واحدة من الأسباب المحتملة لهذه الزيادة هي سهولة الحصول على الإجازات المرضية بعد جائحة كوفيد-19. في تلك الفترة، تم تقديم نظام يسمح للموظفين الذين يعانون من أعراض خفيفة بالحصول على شهادات إجازة مرضية عبر الهاتف. ومع نهاية الوباء، تفشت الإساءة لهذا النظام، حيث استخدم بعض الأشخاص هذه الطريقة لتأمين إجازات مرضية مزعومة.
البحث عن حل باستخدام المحققين الخاصين
في ظل هذه الظروف، لجأت بعض الشركات إلى الاستعانة بـ محققين خاصين للتأكد من صحة الإجازات المرضية. وقد أشار لينتز إلى أن المزيد من الشركات ترى في هذا التحقيق استثمارًا مفيدًا لتحسين كفاءتها الاقتصادية. ومع ذلك، رغم التكاليف المرتفعة لهذه التحقيقات، يرى البعض أن النتائج قد تكون مربحة على المدى الطويل.
حالات مختلفة للتحقيقات والتحديات القانونية
أحيانًا، تُجمع الأدلة على أن بعض الموظفين الذين يزعمون أنهم في إجازة مرضية طويلة الأمد يقومون بأنشطة غير متوافقة مع حالاتهم المرضية. ولكن جمع الأدلة قد لا يؤدي دائمًا إلى فصل الموظف، كما حدث في إيطاليا حيث تم طرد سائق حافلة بعد ضبطه وهو يعزف على البيانو في حانة أثناء إجازته المرضية، لكن المحكمة العليا في إيطاليا قررت أن تلك الأنشطة كانت تساهم في تخفيف حالته الصحية وأمرت بإعادته إلى العمل.
التحديات والأسباب المشروعة للغياب
يحذر الخبراء من أن استخدام المحققين الخاصين قد لا يعالج الأسباب الحقيقية لارتفاع معدلات الإجازات المرضية. فقد زادت هذه الإجازات بسبب أمراض الجهاز التنفسي والتحديات الصحية العقلية التي ظهرت بعد الوباء، بالإضافة إلى ضغوط العمل المتزايدة.
الاستنتاجات
بينما قد تشكل التحقيقات في الإجازات المرضية وسيلة لتحسين الأداء الاقتصادي للشركات، إلا أن المشكلة قد تكون أعمق من مجرد الغياب الزائف. ينبغي النظر بعناية في العوامل الصحية والنفسية التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات الإجازات المرضية، والعمل على معالجتها بشكل شامل للحفاظ على صحة الموظفين وزيادة الإنتاجية بشكل مستدام.