تعديلات الدستور المصري عبر الزمن وتغيراته

الدستور المصري: تأريخ طويل من الوثائق المنظمة لحكم الدولة وحقوق المواطنين
الدستور يُعدّ الوثيقة القانونية الأهم في أي دولة، حيث يضع الأسس لنظام الحكم، وينظّم العلاقة بين السلطات الثلاث: التنفيذية، التشريعية، والقضائية. كما يحدّد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويضمن الحقوق المدنية والإنسانية. أصل الكلمة "دستور" غير عربي، ويرى البعض أنها ذات جذور فارسية. الدستور يُعرّف بأنه القانون الأسمى الذي يحكم القوانين الأخرى وينظم السلطات العامة والعلاقات فيما بينها.
بدايات الدساتير في مصر
كانت مصر من أوائل الدول العربية التي تبنّت النظام الدستوري، إذ برزت هذه الفكرة أواخر عهد الخديوي إسماعيل، حيث تم إعداد مشروع دستور عام 1879، لكن الأزمة السياسية حينها حالت دون إقراره. في عام 1882، صدر أول دستور ديمقراطي عربي عقب الثورة العرابية، وفرض على الخديوي توفيق، ليؤسس علاقة رقابية بين البرلمان والحكومة. ومع ذلك، غاب عن هذا الدستور ضمان الحريات الأساسية.
دستور 1923: إنجاز ثورة 1919
دستور 1923 جاء استجابة لتضحيات ثورة 1919، حيث ضغطت الرقابة الشعبية لضمان صياغة دستور يحترم السيادة الشعبية. على الرغم من منح الدستور سلطات واسعة للملك، إلا أنه مثّل خطوة نحو تقييد سلطات الملك مقارنة بالخديويين السابقين.
دستور 1930: تراجع الديمقراطية
في عام 1930، ألغي دستور 1923 وأُصدر دستور جديد في عهد الملك فؤاد الأول. هذا الدستور قلّص من الحقوق الديمقراطية وسحب العديد من الاختصاصات من البرلمان. عادت البلاد للعمل بدستور 1923 نتيجة لضغوط شعبية وسياسية عام 1935.
دستور 1956: عصر الجمهورية
بعد ثورة 1952، صيغ دستور 1956 ليكون أول دستور للجمهورية المصرية، وشهد تطوراً في الهيكل السياسي والقانوني للدولة.
التعديلات الدستورية وتطور الدساتير
شهد دستور 1971 عدة تعديلات، أبرزها في عام 1980 لتصبح الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وفي عام 2005 لإجراء أول انتخابات رئاسية مباشرة. دستور 2012، الذي جاء بعد ثورة 25 يناير، أثار جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض، ورغم الموافقة عليه في استفتاء شعبي، إلا أنه لم يدم طويلاً.
دستور 2014: ترسيخ مفاهيم جديدة
بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، تمت صياغة دستور 2014 الذي أقره الشعب في استفتاء عام. هذا الدستور يُعتبر الأكثر توافقاً من حيث الحقوق والحريات وضمان استقلال السلطات.
يظل الدستور المصري انعكاساً لتطور الحياة السياسية والاجتماعية في مصر، إذ يعكس كل دستور التحديات والطموحات التي تمر بها الدولة.